قوله عز وجل: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ} دوام البقاء في الدنيا، {أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} أي أفهم الخالدون إن مت؟ نزلت هذه الآية حين قالوا نتربص بمحمد ريب المنون. {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ} نختبركم {بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ} بالشدة والرخاء، والصحة والسقم، والغنى والفقر، وقيل: بما تحبون وما تكرهون، {فِتْنَةً} ابتلاء لننظر كيف شكركم فيما تحبون، وصبركم فيما تكرهون، {وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} {وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ} ما يتخذونك {إِلا هُزُوًا} سخريا قال السدي: نزلت في أبي جهل مر به النبي صلى الله عليه وسلم فضحك، وقال: هذا نبي بني عبد مناف {أَهَذَا الَّذِي} أي يقول بعضهم لبعض أهذا الذي، {يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ} أي يعيبها، يقال: فلان يذكر فلانا أي يعيبه، وفلان يذكر الله أي يعظمه ويجله، {وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ} وذلك أنهم كانوا يقولون لا نعرف الرحمن إلا مسيلمة، {وَهُمْ} الثانية صلة. قوله عز وجل: {خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} اختلفوا فيه، فقال قوم: معناه أن بنيته وخلقته من العجلة وعليها طبع، كما قال: {وَكَانَ الإنْسَانُ عَجُولا} [الإسراء: 11].قال سعيد بن جبير والسدي: لما دخلت الروح في رأس آدم وعينه نظر إلى ثمار الجنة فلما دخلت جوفه اشتهى الطعام، فوثب قبل أن تبلغ الروح إلى رجليه عجلا إلى ثمار الجنة، فوقع فقيل: {خلق الإنسان من عجل}، والمراد بالإنسان آدم وأورث أولاده العجلة، والعرب تقول للذي يكثر منه الشيء: خلقت منه، كما تقول العرب: خلقت في لعب، وخلقت من غضب، يراد المبالغة في وصفه بذلك، يدل على هذا قوله تعالى: {وكان الإنسان عجولا}.وقال قوم: معناه خلق الإنسان يعني آدم من تعجيل في خلق الله إياه، لأن خلقه كان بعد خلق كل شيء في آخر النهار يوم الجمعة، فأسرع في خلقه قبل مغيب الشمس.قال مجاهد: فلما أحيا الروح رأسه قال يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس. وقيل: بسرعة وتعجيل على غير ترتيب خلق سائر الآدميين من النطفة والعلقة والمضغة وغيرها.وقال قوم: من عجل، أي: من طين، قال الشاعر:والنبع في الصخرة الصماء منبتة *** والنخل ينبت بين الماء والعجل{سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ} نزل هذا في المشركين كانوا يستعجلون العذاب ويقولون: أمطر علينا حجارة من السماء، وقيل: نزلت في النضر بن الحارث فقال تعالى: {سَأُرِيكُمْ آيَاتِي} أي مواعيدي فلا تستعجلون، أي فلا تطلبوا العذاب من قبل وقته، فأراهم يوم بدر، وقيل: كانوا يستعجلون القيامة.